top of page

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وبه أستعين ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ” سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم”  (البقرة 32 )  وبعد:
لطلب العلم في الشريعة الإسلامية السمحة مكانة متميزة قال الله سبحانه وتعالى " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " الزمر9 ، وقال جل وعلا " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " المجادلة11 ، وأمر الله تعالى بتعلم العلم قبل القول والعمل بقوله سبحانه " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " محمد19.
ولقد بين النبي عليه السلام  فضل العلماء العاملين بقوله " وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم؛ فمن أخذه؛ أخذ بحظ وافر" شعب الإيمان للبيهقي ، وقال عليه الصلاة والسلام" مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ" صحيح البخاري .
وقال بعض العلماء تعلم العلم؛ فإنه يقومك ويسددك صغيراً ويقدمك ويسودك كبيراً، ويصلح زيغك وفسادك، ويرغم عدوك وحاسدك، ويقوم عوجك وميلك، ويحقق همتك وأملك.
وليس يجهل فضل العلم إلا أهل الجهل؛ لأن فضل العلم إنما يعرف بالعلم، فلما عدم الجهال العلم الذي به يتوصلون إلى فضل العلم؛ جهلوا فضله، واسترذلوا أهله، وتوهموا أن ما تميل إليه نفوسهم من الأموال المقتناة والأمور المشتهاة أولى أن يكون إقبالهم عليها وأحرى أن يكون اشتغالهم بها.
وقد بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فضل ما بين العلم والمال، فقال " العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم حاكم و المال محكوم، مات خزان الأموال وبقي خزان العلم، أعيانهم مفقودة وأشخاصهم في القلوب موجودة ".‍
- تعلم العلم على نوعين:
- النوع الأول: واجب على كل مسلم ومسلمة، ولا يقدر أحد على تركه، وهو تعلم ما يستقيم به دينه؛ كأحكام العقيدة والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج على الوجه الذي يتمكن به من أداء هذه العبادة على وجهها الصحيح.
- والنوع الثاني: ما زاد عن ذلك؛ من تعلم بقية أحكام الشريعة في المعاملات والتفقه في أمور العبادات؛ فهذا واجب على الكفاية، إذا قام به من يكفي من المسلمين؛ سقط الإثم عن الباقين، وإن تركه الكل؛ أثموا.
- الشروط التي يتأتى بها العلم للطالب كما حددها بعض العلماء:
- أولها: العقل الذي يدرك به حقائق الأمور.
- الثاني: الفطنة التى يتصور بها غوامض العلوم.
- الثالث: الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه.
- الرابع: الرغبة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع إليها الملل.
- الخامس: الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب.
- السادس: الفراغ الذي يكون معه التوفر ويحصل به الاستكثار.
- السابع: عدم القواطع المذهلة من هموم وأشغال.
- الثامن: الظفر بعالم سمح بعلمه متأن في تعليمه.
فإذا استكمل هذه الشروط؛ فهو أسعد طالب وأنجح متعلم .
وإذا تعلم الإنسان، وحصل قدراً من العلم، فليعلم أنه قليل بجانب ما جهل، وعليه أن لا يدخله العجب، وليعلم أنه لا سبيل إلى الإحاطة بالعلم كله؛ فلا عار أن يجهل بعضه، وعليه أن يقول لما لا يعلم لا أعلم. ولا ينبغي أن يجهل من نفسه مبلغ علمها، ولا أن يتجاوز بها قدر حقها.
- ضرورة إخلاص النية لله في طلب العلم:
لابد أن يكون طلب العلم خالصاً لوجه الله تعالى، لا يراد به عرض من الدنيا، وذلك ليعم نفعه، ويؤجر صاحبه، وكذلك إذا أحاط طالب العلم علماً بالمسألة فالواجب عليه أن يطبقها على نفسه، ويعمل بها؛ ليكون علمه نافعاً؛ فإن العلم النافع ما طبقه الإنسان عملياً، والعمل بالعلم هو ثمرة العلم، والجاهل خير من عالم لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به؛ اللهم إنا نعوذ بك من فتنه القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن ومن العجب بما نحسن .
” رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ ” آل عمران 193.
” رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ” غافر7.
" رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " البقرة 286 . آمين والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

bottom of page